وقال أبو يوسف: "أَريدوا بعلمكم اللهَ تعالى، فإني لم أجلس مجلساً قطّ
أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلُوَهم، ولم أجلس مجلساً قط أنوي فيه
أن أعلوهم إلا لم أقم حتى افتَضَح"[5].
2/5 العمل بالعلم ودوام المراقبة والخشية:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل)[6].
وقال الشافعي: "ليس العلم ما حفِظ، العلم ما نفع"[7].
وقال بعض السلف: "يا حملة العلم، اعملوا فإنما العالم من عمل بما علم،
ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيَهم، يخالف
عملهم علمهم، ويخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حِلقاً يباهي بعضهم بعضاً،
حتى إنّ الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدَعَه، أولئك لا يصعد
أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى"[8].
ومن ذلك دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وملازمة خشيته سبحانه، قال الإمام أحمد: "أصل العلم الخشية".
وقال الزهري: "إن للعلم غوائل، فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب، ومن غوائله النسيان، ومن غوائله الكذب فيه، وهو شر غوائله"[9].
وسئل سفيان الثوري: طلب العلم أحبّ إليك أو العمل؟ فقال: "إنما يراد العلم
للعمل، فلا تدع طلب العلم للعمل، ولا تدع العمل لطلب العلم"[10].
3/5 صيانة العلم:
وذلك بأن لا يتّخذه سلما يتوصل به إلى أغراض دنيوية وأطماع أرضية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خِدمة أو تقدم على الأقران.
قال الشافعي: "ودِدت أن الخلقَ تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إليّ حرف منه"[11].
4/5 القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام:
ومن ذلك المحافظة على الصلاة في مساجد الجماعات، وإفشاء السلام للخواص
والعوام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهار السنن، وإخماد البدع،
وغير ذلك من الأحكام الظاهرة ليحصل التأسّي به، وليصون عرضه عن الوقيعة
والظنون المكروهة.
5/5 المحافظة على المندوبات الشرعية القولية والفعلية:
ومن ذلك تلاوة القرآن الكريم بتفكّر وتدبّر، والإكثار من ذكر الله تعالى
بالقلب واللسان، والإلحاح في الدعاء والتضرع بإخلاص وصدق، والاعتناء
بنوافل العبادات من الصلاة والصيام والصدقة وحج بيت الله الحرام، والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من فضائل الأقوال والأعمال التي
يراد العلم لأجلها.
6/5 التواضع والسكينة ونبذ الخيلاء والكبر:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلّموا العلم، وتعلّموا له السكينةَ
والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلِّمون، ولا تكونوا
جبابرة العلماء، ولا يقوم علمكم مع جهلكم)[12].
وكتب الإمام مالك إلى الرشيد: "إذا علمت علماً فليُرَ عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه"[13].
وقال الإمام الشافعي: "لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذلّ النفس وضيق العَيش وخدمة العلماء أفلح"[14].
7/5 القناعة والزهادة:
قال ابن جماعة الكناني: "أقلّ درجات العالم أن يستقذر التعلق بالدنيا؛
لأنه أعلم الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونصبها، فهو
أحقّ بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها"[15].
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "لقد جئت من بلاد شنقيط ومعي كنز قلّ أن
يوجد عند أحد، وهو القناعة، ولو أردت المناصب لعرفت الطريق إليها، ولكني
لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية"[16].
8/5 التحلّي بمكارم الأخلاق وجميل الخصال والخلال:
قال ابن سيرين: "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم"[17].
وعن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: قال لي أبي: "يا بني، ائت الفقهاء
والعلماء، وتعلّم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإنّ ذاك أحبّ إليّ
لك من كثير من الحديث"[18].
وعن أبي زكريا العنبري قال: "علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كجسم بلا روح"[19].
وأشرف الليث بن سعد على بعض أصحاب الحديث فرأى منهم شيئاً فقال: "ما هذا؟ أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم"[20].
9/5 تطهير الباطن والظاهر من الأخلاق الرديئة:
فمن ذلك الغلّ والحسد والبغي والغضب لغير الله تعالى والغش والكبر والرياء
والعجب والسمعة والشهرة والبخل والشحّ والبطر والطمع والفخر والخيلاء
والمداهنة والتزين للناس وحب المدح والثناء والعمى عن عيوب النفس
والاشتغال عنها بعيوب الخلق والغيبة والنميمة والبهتان والكذب والفحش في
القول واحتقار الناس.
قال ابن جماعة: "فالحذر الحذر من هذه الصفات الخبيثة والأخلاق الرذيلة؛
فإنها باب كل شر، بل هي الشر كله، وقد بلي بعض أصحاب النفوس الخبيثة من
فقهاء الزمان بكثير من هذه الصفات إلا من عصم الله تعالى، ولا سيما الحسد
والعجب والرياء واحتقار الناس، وأدوية هذه البلية مستوفاة في كتب الرقائق،
فمن أراد تطهير نفسه منها فعليه بتلك الكتب"[21].
10/5 التفرغ والمحافظة على الأوقات:
وذلك بأن لا يضيع شيئاً من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل
إلا بقدر الضرورة، وقد كان بعضهم لا يترك الاشتغالَ بالعلم لعروض مرض خفيف
أو ألم لطيف، بل كان يستشفي بالعلم، ويشتغل به بقدر الإمكان.
قال الشافعي: "لو كلفت شراءَ بصلة لما فهمت مسألة"[22].
وقال بعضهم: "لا يَنال هذا العلم إلا من عطّل دكّانه، وخرّب بستانه، وهجر إخوانَه، ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته"[23].
11/5 الجدّ والاجتهاد ودوام الحرص على الازدياد:
قال الشافعي: "حقّ على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كلّ عارض دون طلبه"[24].
وقال سعيد بن جبير: "لا يزال الرجل عالماً ما تعلّم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون"[25].
12/5 حسن اختيار رفقاء الطلب:
قال ابن جماعة الكناني: "الذي ينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده
أو يستفيد منه... فإن شرع أو تعرض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا
يستفيد منه ولا يعينه على ما هو بصدده فليتلطّف في قطع عشرته من أول الأمر
قبل تمكّنها، فإن الأمور إذا تمكّنت عسرت إزالتها"[26].
13/5 إجلال الشيخ والتأدّب عنده وتعظيم حرمته:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من حقّ العالم عليك إذا
أتيته أن تسلِّم عليه خاصَّة، وعلى القوم عامّة، وتجلس قُدَّامه، ولا تشِر
بيديك، ولا تغمِز بعينَيك، ولا تقُل: قال فلان خلافَ قولك، ولا تأخذ
بثوبِه، ولا تُلحَّ عليه في السؤال، فإنّه بمنزلة النخلة المُرطبة التي لا
يزال يسقط عليك منها شيء)[27].
وعن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إن من حق
العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تُعنِّته في الجواب، وألا تُلحَّ عليه
إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفشينّ له سرًّا، ولا تغتابنّ عنده
أحدًا، ولا تطلبنّ عثرته، وإن زلّ قبلت معذرته، وعليك أن توقّره وتعظّمه
لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجةٌ سبقت القوم
إلى خدمته)[28].
وقال الشافعي: "كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رفيقاً هيبة له، لئلا يسمع وقعها"[29].
وقال طاوس: "إنّ من السنة أن توقِّر العالم"[30].
14/5 احترام العلماء من غير تقديس، واتباعهم من غير تقليد:
قال الشيخ ابن عثيمين: "إن على طلبة العلم احترام العلماء وتقديرهم، وأن
تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء وغيرهم، وأن يقابلوا هذا
بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم، وهذه نقطة مهمة جداً، لأن بعض
الناس يتتبع أخطاء الآخرين، ليتخذ منها ما ليس لائقاً في حقهم، ويشوّش على
الناس سمعتهم، وهذا من أكبر الأخطاء، وإذا كان اغتياب العامّي من الناس من
كبائر الذنوب، فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر، لأن اغتياب العالم لا يقتصر
ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي"[31].
15/5 رحابة الصدر في مسائل الخلاف:
قال ابن عثيمين في معرض بيان آداب طالب العلم: "أن يكون صدره رحباً في
مواطن الخلاف الذي مصدره الاجتهاد؛ لأن مسائل الخلاف بين العلماء إما أن
تكون مما لا مجال للاجتهاد فيه، ويكون الأمر فيها واضحاً، فهذه لا يعذَر
أحد بمخالفتها، وإما أن تكون مما للاجتهاد فيها مجال، فهذه يعذر فيها من
خالفها"[32].
أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلُوَهم، ولم أجلس مجلساً قط أنوي فيه
أن أعلوهم إلا لم أقم حتى افتَضَح"[5].
2/5 العمل بالعلم ودوام المراقبة والخشية:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل)[6].
وقال الشافعي: "ليس العلم ما حفِظ، العلم ما نفع"[7].
وقال بعض السلف: "يا حملة العلم، اعملوا فإنما العالم من عمل بما علم،
ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيَهم، يخالف
عملهم علمهم، ويخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حِلقاً يباهي بعضهم بعضاً،
حتى إنّ الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدَعَه، أولئك لا يصعد
أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى"[8].
ومن ذلك دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وملازمة خشيته سبحانه، قال الإمام أحمد: "أصل العلم الخشية".
وقال الزهري: "إن للعلم غوائل، فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب، ومن غوائله النسيان، ومن غوائله الكذب فيه، وهو شر غوائله"[9].
وسئل سفيان الثوري: طلب العلم أحبّ إليك أو العمل؟ فقال: "إنما يراد العلم
للعمل، فلا تدع طلب العلم للعمل، ولا تدع العمل لطلب العلم"[10].
3/5 صيانة العلم:
وذلك بأن لا يتّخذه سلما يتوصل به إلى أغراض دنيوية وأطماع أرضية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خِدمة أو تقدم على الأقران.
قال الشافعي: "ودِدت أن الخلقَ تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إليّ حرف منه"[11].
4/5 القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام:
ومن ذلك المحافظة على الصلاة في مساجد الجماعات، وإفشاء السلام للخواص
والعوام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهار السنن، وإخماد البدع،
وغير ذلك من الأحكام الظاهرة ليحصل التأسّي به، وليصون عرضه عن الوقيعة
والظنون المكروهة.
5/5 المحافظة على المندوبات الشرعية القولية والفعلية:
ومن ذلك تلاوة القرآن الكريم بتفكّر وتدبّر، والإكثار من ذكر الله تعالى
بالقلب واللسان، والإلحاح في الدعاء والتضرع بإخلاص وصدق، والاعتناء
بنوافل العبادات من الصلاة والصيام والصدقة وحج بيت الله الحرام، والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من فضائل الأقوال والأعمال التي
يراد العلم لأجلها.
6/5 التواضع والسكينة ونبذ الخيلاء والكبر:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلّموا العلم، وتعلّموا له السكينةَ
والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلِّمون، ولا تكونوا
جبابرة العلماء، ولا يقوم علمكم مع جهلكم)[12].
وكتب الإمام مالك إلى الرشيد: "إذا علمت علماً فليُرَ عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه"[13].
وقال الإمام الشافعي: "لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذلّ النفس وضيق العَيش وخدمة العلماء أفلح"[14].
7/5 القناعة والزهادة:
قال ابن جماعة الكناني: "أقلّ درجات العالم أن يستقذر التعلق بالدنيا؛
لأنه أعلم الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونصبها، فهو
أحقّ بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها"[15].
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "لقد جئت من بلاد شنقيط ومعي كنز قلّ أن
يوجد عند أحد، وهو القناعة، ولو أردت المناصب لعرفت الطريق إليها، ولكني
لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية"[16].
8/5 التحلّي بمكارم الأخلاق وجميل الخصال والخلال:
قال ابن سيرين: "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم"[17].
وعن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: قال لي أبي: "يا بني، ائت الفقهاء
والعلماء، وتعلّم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإنّ ذاك أحبّ إليّ
لك من كثير من الحديث"[18].
وعن أبي زكريا العنبري قال: "علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كجسم بلا روح"[19].
وأشرف الليث بن سعد على بعض أصحاب الحديث فرأى منهم شيئاً فقال: "ما هذا؟ أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم"[20].
9/5 تطهير الباطن والظاهر من الأخلاق الرديئة:
فمن ذلك الغلّ والحسد والبغي والغضب لغير الله تعالى والغش والكبر والرياء
والعجب والسمعة والشهرة والبخل والشحّ والبطر والطمع والفخر والخيلاء
والمداهنة والتزين للناس وحب المدح والثناء والعمى عن عيوب النفس
والاشتغال عنها بعيوب الخلق والغيبة والنميمة والبهتان والكذب والفحش في
القول واحتقار الناس.
قال ابن جماعة: "فالحذر الحذر من هذه الصفات الخبيثة والأخلاق الرذيلة؛
فإنها باب كل شر، بل هي الشر كله، وقد بلي بعض أصحاب النفوس الخبيثة من
فقهاء الزمان بكثير من هذه الصفات إلا من عصم الله تعالى، ولا سيما الحسد
والعجب والرياء واحتقار الناس، وأدوية هذه البلية مستوفاة في كتب الرقائق،
فمن أراد تطهير نفسه منها فعليه بتلك الكتب"[21].
10/5 التفرغ والمحافظة على الأوقات:
وذلك بأن لا يضيع شيئاً من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل
إلا بقدر الضرورة، وقد كان بعضهم لا يترك الاشتغالَ بالعلم لعروض مرض خفيف
أو ألم لطيف، بل كان يستشفي بالعلم، ويشتغل به بقدر الإمكان.
قال الشافعي: "لو كلفت شراءَ بصلة لما فهمت مسألة"[22].
وقال بعضهم: "لا يَنال هذا العلم إلا من عطّل دكّانه، وخرّب بستانه، وهجر إخوانَه، ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته"[23].
11/5 الجدّ والاجتهاد ودوام الحرص على الازدياد:
قال الشافعي: "حقّ على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كلّ عارض دون طلبه"[24].
وقال سعيد بن جبير: "لا يزال الرجل عالماً ما تعلّم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون"[25].
12/5 حسن اختيار رفقاء الطلب:
قال ابن جماعة الكناني: "الذي ينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده
أو يستفيد منه... فإن شرع أو تعرض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا
يستفيد منه ولا يعينه على ما هو بصدده فليتلطّف في قطع عشرته من أول الأمر
قبل تمكّنها، فإن الأمور إذا تمكّنت عسرت إزالتها"[26].
13/5 إجلال الشيخ والتأدّب عنده وتعظيم حرمته:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من حقّ العالم عليك إذا
أتيته أن تسلِّم عليه خاصَّة، وعلى القوم عامّة، وتجلس قُدَّامه، ولا تشِر
بيديك، ولا تغمِز بعينَيك، ولا تقُل: قال فلان خلافَ قولك، ولا تأخذ
بثوبِه، ولا تُلحَّ عليه في السؤال، فإنّه بمنزلة النخلة المُرطبة التي لا
يزال يسقط عليك منها شيء)[27].
وعن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إن من حق
العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تُعنِّته في الجواب، وألا تُلحَّ عليه
إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفشينّ له سرًّا، ولا تغتابنّ عنده
أحدًا، ولا تطلبنّ عثرته، وإن زلّ قبلت معذرته، وعليك أن توقّره وتعظّمه
لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجةٌ سبقت القوم
إلى خدمته)[28].
وقال الشافعي: "كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رفيقاً هيبة له، لئلا يسمع وقعها"[29].
وقال طاوس: "إنّ من السنة أن توقِّر العالم"[30].
14/5 احترام العلماء من غير تقديس، واتباعهم من غير تقليد:
قال الشيخ ابن عثيمين: "إن على طلبة العلم احترام العلماء وتقديرهم، وأن
تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء وغيرهم، وأن يقابلوا هذا
بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم، وهذه نقطة مهمة جداً، لأن بعض
الناس يتتبع أخطاء الآخرين، ليتخذ منها ما ليس لائقاً في حقهم، ويشوّش على
الناس سمعتهم، وهذا من أكبر الأخطاء، وإذا كان اغتياب العامّي من الناس من
كبائر الذنوب، فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر، لأن اغتياب العالم لا يقتصر
ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي"[31].
15/5 رحابة الصدر في مسائل الخلاف:
قال ابن عثيمين في معرض بيان آداب طالب العلم: "أن يكون صدره رحباً في
مواطن الخلاف الذي مصدره الاجتهاد؛ لأن مسائل الخلاف بين العلماء إما أن
تكون مما لا مجال للاجتهاد فيه، ويكون الأمر فيها واضحاً، فهذه لا يعذَر
أحد بمخالفتها، وإما أن تكون مما للاجتهاد فيها مجال، فهذه يعذر فيها من
خالفها"[32].
لا يوجد حالياً أي تعليق